هل نجح الضباط الإداريين في إدارة وحكم هذه المرحلة الحرجة ( 5 ) ✍️ أبشر شجرابي

🌳 *هل نجح الضباط الإداريين في إدارة وحكم هذه المرحلة الحرجة ( 5 )🌳*

 

📝 *أبشر شجرابي*

abashar 2023 @gamil.com

 

 

والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي أسباب تدهور وتقهقر وظيفة الضابط الاداري !!! ؟

 

ونلخص الأجابة في التالي:-

 

أولا من حيث الشكل تدهور وتدني الخدمة المدنية

تعتبر وظيفة الضابط الإداري من وظائف الخدمة المدنية والتي تعتبر من أهم المعايير التي يقاس بها مستوى تقدم الشعوب من تخلفها،وعرف السودان في المحيط الاقليمي العربي والافريقي بأنه اكثرالدول تجربة وتنظيماً في هذاالمجال،ما جعله قبلة لمعظم جيرانه في الإستعانة بكفاءاته وخبرات موظفيه.و ليس ثمة شك من أن مهمة الخدمة العامة بوصفها الذراع التنفيذي الفني في الدولة هو إدارة ذاتها وخدمة المواطنين والمجتمع وإدارته بالمشاركة مع الجهاز التنفيذي السياسي وأجهزة الدولة التشريعية والعدلية وحديثاً بالمشاركة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في إطار الحكم الراشد. تقوم على أربع معايير هي:

 

أولاً: المضمون

وثانياً: الإجراءات

وثالثاً: الأداء والسلوك الوظيفيين لأفرادها

ورابعاً: المنظومة أو النظام الذي يحكم هذا السلوك والأداء.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه اذا كان حياد الخدمة المدنية وعدم, تسييسها ظل أحد المطالب العزيزة للسودانيين، كيف يمكن تحقيقه بالنظر الى القوانين التي حكمت الخدمة المدنية حتى مشروع القانون الأخير؟

والاجابة تتطلب معرفة التطور التاريخي للخدمة المدنية ومراحل تسيسها (معرفة الداء نصف طريق العلاج ) نوجزها علي النحو التالي:-

مراحل تطور الخدمة المدنية

* مرحلة الإستعمار:

كانت الخدمة المدنية العامة في هذه المرحلة تتميز بكفاءة إجرائية عالية ومضمون حددته الأهداف والسياسات الإستعمارية التي كانت تُوضع في بريطانيا وقصر الحاكم العام، وينفذها السكرتاريون الثلاثة: السكرتير الإداري والسكرتير المالي والسكرتير القضائي. كانت السياسات والأهداف تتركز حول تحقيق المصالح الإستعمارية البريطانية في السودان.

* مرحلة ما بعد الإستقلال والديمقراطيات الليبرالية:

وهي مرحلة التدخلات السياسية في الخدمة المدنية بصفة عامة ووظيفة الضابط الاداري علي وجه التخصيص والتحديد التي بدأت تاريخيامنذالعهد الديمقراطي الثاني بعد ثورة أكتوبر 1964 حيث تم تطبيق شعار” التطهير واجب وطني”والذي بموجبه تمت أحالة خيرة رجال الخدمة المدنية السودانية إلي التقاعد لأسباب سياسية .ثم تواصل الأمر في العهد المايوي 1969 /1985حيث تم القضاء علي استقلالية وحيدة الخدمة الوطنية وإجبار رجال الخدمة المدنية بمواقعهم المختلفة علي الانخراط في الاتحاد الاشتراكي تطبيقا لشعار “الإدارة والسياسة وجهان لعملة واحدة”، وفلسفتها في خلق روافد وفروع للتنظيم السياسي في مواقع العمل ،وكان من المألوف أن يكون بعض من يحتلون المواقع الدنيا في الخدمة المدنية يتولون رئاسة التنظيم السياسي بموقع العمل بينما يكون الموظف الذي يتبوأ المنصب الاعلي في الوحدة الحكومية مجرد عضو عادي يتلقى منه تعليماته السياسية مما انعكس سلبا علي علاقات العمل والعلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين وبالعكس للخلط بين الموقع السياسي والموقع التنفيذي فاختل الهرم الوظيفي لخوف بعض المسئولين التنفيذيين علي مواقعهم . وبالتالي التأثير السالب علي العمل التنفيذي اليومي.كما أن الدكتور الراحل جعفر محمد علي بخيت عندما جوبه بالرفض المبطَّن لسياسته من كبار ضباط الحكومة استغل سلطاته كوزير وكأحد اركان مايو وعضو لجنة الامن القومية فتخلص من الذين وصفهم بالعناصرالرخوة باحالتهم للتقاعد و تجاوزالبعض الاخر بسياسة الترقى الاستثنائى التي تجاوز بهم أسس الترقية المعروفةفأصبح « القفز بالعامود» «بالقفز بالزانة» أو «القفز بالقناية»مسميات لترقيةمن اختارهم من خلصائه الذين يثقون في نظريته ويؤمنون بها، فوجدعدد من كبار الضباط

أنفسهم مرؤوسين ً لمن كانوا يوماً رؤساء لهم ، والتي أشار اليها “بروفيسور ميرغنى حمو” فى دراسته عن تلازم الترقي والتدريب فى الخدمة التى قدمت فى منتدى التدريب القومى أبريل 2004 بقوله (لقد شهدت وزارة الحكم المحلي في السودان تجربة متفرِّدة في مجال الترقيات الإستثنائية إذ عمد وزير الحكم المحلي في عهد الرئيس جعفر نميري إلى ترقية بعض ضباط الحكم المحلي بصورة استثنائية بعد ترشيحهم للترقية بفترة اختبارية probationary period تقرر فى نهايتها ترقيتهم. وقد أطلق على تلك الترقية «الترقية بالقناية». ورغم أن جميع الذين استفادوا من تلك الترقيات كانوا من المشهود لهم بالتميز والتفوق، إلا أنه أخذ على تلك الترقيات، أنه لم يفسح المجال فيها لجميع الضباط بالمنافسة على الوظائف المحددة والمفتوحة للترقي، مما جعلها -أي التجربة- تبدو وكأنها منحازة منذ البداية، حيث أن القناية لم توزَّع على الجميع ليتم اختبارهم فى القدرة على القفز بالقناية).

سياسة جعفر بخيت كانت بداية التدني فى مكانة وهيبة الضابط الاداري.وممازاد الطين بلة أن الوزير تجاوز سياسة التعيين والاختيار للضباط الاداريين وعيَّن مئات الضباط دون المعايير السائدة قبل تطبيق سياسته من الكتبة والمحاسبين ومفصولي القوات النظامية الذين كانوا لا يحملون الحدالأدني للمؤهلات المطلوبة. مماوضع المسمار الأول فى نعش الجهاز الإدارى بفتح الباب على مصراعيه لغير المؤهلين ودون إعتبار لشروط التعيين فى الجهاز .

في العهد الديمقراطي الثالث(1985/1989) لم تسلم الخدمة المدنية من التدخلات السياسية بتطبيق شعار “كنس أثار مايو “.،وكذلك في بدايات ثورة الإنقاذ الوطني وتطبيقا لشعارات “القوي الأمين”” أهل الثقة -الولاء -البدريون ” تم أحالة بعض موظفي الخدمة المدنية ومنهم عدد من الضباط الاداريين للتقاعد تحت مسمي الصالح العام وتم التعيين السياسي في وظائف الخدمة المدنية دونما مراعاة لمعايير تشريعات الخدمة من كفاءة علمية وخبرة العملية وشروط التدرج الهرمي الوظيفي للوظائف القيادية والوسيطة.وأيضا هنالك بعض الممارسات الخاطئةالتي ترتبت علي تطبيق الحكم الإقليمي والولائي نوجزها في الأتي :-

أ/في جنوب السودان وبعد التوقيع علي اتفاقية أديس أبابا وتطبيق الحكم الذاتي لجنوب السودان في عام 1972 أدت سياسة جنوبة الوظائف بالجنوب إلي تدني مستوي الأداء بالخدمة المدنية من جراء الترفيع السريع لعدة درجات وظيفية للجنوبيين دون توفر الكفاءة العلمية والخبرة العملية المطلوبتان لتلك الوظائف بالإضافة إلي عدم الاهتمام بالالتزام بالقوانين واللوائح المركزية المنظمة للخدمة العامة والشئون المالية .

ب/ما سبق ذكره تكرر في أقاليم السودان الاخري بعد تطبيق الحكم الإقليمي سنة 1980 وصدور القرار الجمهوري رقم 760 لعام 1982 بلامركزية القوي العاملة في أقاليم السودان للدرجات الوظيفية دون الرابعة باستثناء بعض الوظائف الفنية التخصصية النادرة مثل الأطباء والصيادلة والمهندسين وقد صاحب هذه التجربة أيضا سلبيات أخري تتمثل في إجراء ترقيات سريعة لشاغلي الوظائف الإقليمية مما أدي إحداث مفارقات وظيفية بينهم وبين ر صفائهم بالحكومة المركزية أو بالأقاليم الاخري مما أستدعي الأمر في العهد الديمقراطي الثالث إلي تكوين لجان مركزية لإزالة المفارقات الوظيفية.

ج/ تجربتي الحكم الإقليمي في العهد المايوي والحكم الولائي في عهد الإنقاذأفرزتا ظاهرة اعتراض بعض حكام الأقاليم أو ولاة الولايات علي نقل بعض الموظفين من المركز بحجة الرغبة في ملء الوظائف الشاغرة من أبناء الإقليم أو ألولاية بالرغم من انعدام التناسب بين الدرجة الوظيفية وبين متطلبات الوظيفة من المؤهلات العلمية والخبرة العلمية مما أدي إلي المحاباة والمحسوبية وإحياء روح القبلية والعصبية والجهوية.

 

ولو نظرنا الي القوانيين التي حكمت الخدمة المدنية منذ قانون 1973م المستند على دستور 1973م والقوانيين اللاحقة– 1991م- 1994م و2007 ثم القوانيين الصادرة بالولايات نجدها بعيدة عن روح الديمقراطية او عن الأسس المطلوبة لقيام خدمة مدنية مستقلة ومحايدة وديمقراطيةحيث قننت لعدم حيدة الخدمة المدنية ففلقد ربطت القوانين الثلاث بين الوظائف القيادية العليا وبين السلطة السياسية، ولقد رأينا كيف تم فصل الالاف من اهل الخبرة والتأهيل من الخدمة المدنية لأسباب سياسية.

نلاحظ علي الرغم من ان قانون 1973م استحداث تكوين لجنة الاختيار للخدمة العامة، من صلاحياتها وضع الاسس للاختيار لكل الوظائف، والاعلان عنها، واختيار المؤهلين لشغلها، واصبح لها لجانا في الاقاليم عقب تطبيق أللامركزية، ولكن لم يتم وفقاً للقوانين وضع مواصفات محددة يجب توفرها فيمن يتم تعيينهم كرؤوساء واعضاء اللجان الاختيار الاتحادية والولائية، ولا يتم اختيار اعضاء اللجان عن طريق المنافسة لاختيار الأفضل ووفقاً لقانون الخدمة لسنة 1973م فان رئيس الجمهورية هو الذي يقوم بالتعيين، ووفقاً لقانون 1994م يقوم بالتعيين مجلس الوزراء مع ملاحظة عدم وجود اي رقابة على اداء هذه اللجان كما لا توجد قنوات او جهات يستطيع المتضرر من لجنة الاختيار ان يستأنف خلالها اولها.

في القوانين الثلاث نجد ان مواداً قننت للفصل التعسفي، فقانون 1973م اعطى الحق لرئيس الجمهورية احالة شاغلي الوظائف القيادية للتقاعد للصالح العام. اما قانون 1994م فلقد اعطى رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء في المادة (52) حق الاحالة للصالح العام لكل المستويات في الخدمة المدنية وبمراسيم دستورية وبموجب ذلك طال التشريد الالاف من العاملين. ان الخدمة العامة لم تكن في حاجة الى مواد تنص على عقوبات في قانون الخدمة العامة، اذ يوجد قانون قائم بذاته يسمى (قانون محاسبة العاملين) ينص على كل الواجبات وكل العقوبات عند تقصير العاملين في اداء اي من واجبات وظائفهم وتصل العقوبات لحد عقوبة الفصل من الخدمة، فما الداعي اذن لمنح الجهاز السياسي صلاحية الفصل والاحالة للصالح العام في كل الدرجات دون تحديد اي نوع من المخالفات ارتكبوا؟.

 

نواصل بعده ( 6 )

 

0912416994

0929507981

0111683955🌳

Exit mobile version