دكينيات/مراجعات(١)….مستقبل الحركة الإسلامية- دكتور عصام حامد دكين
فى لقاء عابر جمعنى بالأخ الصديق العزيز الدكتور محمد المجزوب صالح استاذ العلوم السياسيه بجامعه النيلين والاخوين النبيلين الاستاذ اسامه فضل الله جامعه الخرطوم والأستاذ على محمد احمد جامعه القاهره فرع الخرطوم وشباب مجموعه الأحياء والتجديد دار بيننا حوار عميق حول مستقبل الحركه الاسلاميه. كما يسألني الكثيرين من الاخوه الاسلاميين واخرين كيف ترى عودة الحركه الاسلاميه او الاسلامين إلى المشهد السياسى ومن ثم الحكم او ماهو مستقبلها/مستقبلهم السياسى.
قلت لهم ان الحركه الاسلاميه السودانيه نجحت نجاح كبير لم تحققه مثيلاتها فى العالم العربى والإسلامي مع إختلاف البيئات حيث تحولت من حركه اسلاميه وسط الشباب والطلاب والنخب إلى حركه اجتماعيه رسخت الإسلام من مفهومه التعبدى فقط إلى منهج حياه متكامل وانداحت فى كل المدن والقرى والارياف وأصبح يدافع عن الإسلام كمنهج سائد فى الحياه عدد كبير من فئات الشعب السوداني.
*حيث اكدت الحركه الاسلاميه إلى نفسها والشعب السوداني ان الحكم الفردى من قديم اهلك الحرث والنسل وفرض الوان من الجدب العقلى والشلل الادبى فهو نقيض للاسلام فى كل مناحي الحياة لذلك حاولت الحركه الاسلاميه بسط السلطه والثروة للشعب السوداني لكنها ايضا فشلت فى توحيده فانفصل جنوب السودان لانه كان يريد دوله المواطنه اى الدوله العلمانيه واقرت بها اخيرا فى دستور ٢٠٠٥م لكنه جاء متاخرا واغرى الجنوبين كميه البترول المستخرج من اراضيهم وحق تقرير المصير خلال خمسه سنوات لم يتوقعها دكتور جون قرنق فى اتفاقية نيفاشا ٢٠٠٥م.
* اكدت الحركه الاسلاميه التى أصبحت تيار اسلامى عريض ان العقيده هى الأهم ويجب المحافظه عليها من كل الوان الطيف الاسلامى اى كل اهل القبله لذلك لم تدخل الحركه الاسلاميه السودانيه فى صراع وجدال عقدى عقيم مع المجموعات الدينيه الأخرى بل كانت تسعى لوحده المسلمين فى السودان ونجحت فى ذلك لحدا ما وكسبت احترام الجميع او نقول اصبحت محايده اتجاه قضايا الدين اى استخدمت المنهج التوافقى فهو منهج اقرب الى العلمانيه الغير معلنه.
* اكدت الحركه الاسلاميه بعلميتها ان الاعتقاد فى المنطق القرانى نبت وسط حريه البحث والتأمل وطلب البرهان اى الدليل كما قال الله تعالى(ام اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معى وذكر من قبلى) الأنبياء ٢٤.
* اكدت الحركه الاسلاميه ليس هنالك مجال لإلغاء العقل ورفض الرأى الاخر وفرض الإسلام بالقوه لابد من تبادل الحجج ونشدان الحقيقه وحدها لا مكان لتكميم الافواه وفرض وجهه نظر واحده .
* الحركه الاسلاميه الحديثه صاحبه صواب لاتهاب النقاش والحوار والحق فى كل المجالس والايديولوجيات وتحولت إلى تيار اسلامى عام وقف ضد الباطل رغم المضايقات والاتهامات الغير مسنودة بدليل فكان الدكتور محمد على الجزولي والأستاذ حسن اسماعيل والشيخ ابراهيم الكباشي والشيخ نزار المكاشفى والشيخ الطيب الجد والدكتور فرح العقار والدكتور التجانى سيسى والقائمه تطول يدافعون بالمنطق والحجه أمام جبروت اليسار العلمانى المتطرف الارهابى ينادون بالحفاظ على هوية الإسلام والبلاد وسيادتها ووحدتها وشرعية سلطتها وبناء دولة المواطنة.
* ان عودة الاسلاميين ليست مهمه فى تقديرى وليست ضروريه لكن الأهم هو الحفاظ على السودان موحد لا مجال لانقسام السودان بسبب الدين اذا الوحده مربوطه بالعلمانيه علينا ان نعد علمانية ذات خصوصية سودانية والحفاظ على قيمنا واخلاقنا ومبادئنا وهويتنا الاسلامية والافريقية والعربية تحت سودان موحد فكل من ينادي بها ويدعوا لها يجب دعمة والوقوف معه حتى وان كانت الدعوة من ياسر سعيد عرمان بعد تخلية عن أفكارة المخالفة للمزاج السوداني.
* ان كان هنالك عودة للاسلامين ستكون مختلفة فى تقديرى فى محتواها وشكلها ومضمونها وبرامجها وشخصياتها وتأبة ومستغفرة من الانقلابات العسكرية لاغتصاب السلطه لكسب الشرعية والتى مصدرها الشعب عن طريق الديمقراطية الليبرالية.
* قطعا تجربة الإنقاذ تجربة انتهت بأيجابياتها وسلبياتها نتعظ منها ونعضد ايجابياتها وعدم تكرار سلبياتها فهى احدى تجارب السودان الثلاثة الدولة السنارية والدوله المهدية ودلة الانقاذ.
* الكثيرين من الاسلامين وانا منهم تجاوزوا محطة الحركه الاسلامية والان هم فى قطار التيار الاسلامى العام المتصالح مع دوله الحداثة الملتزمة بالمواثيق الدولية وحقوق الإنسان.
* الان حركة الإسلام العام فى تقديرى تفوقت على الواقع الحالى فى السودان بقراتها للواقع المحلى والعالمى من خلال كتابها واعلامها وحديث قاداتها وانها اجرت مراجعات كبيره وكسبت خبرة واصبحت تعبر عنها واجهات عديدة وفى تقديرى الان هى جاهزة لخوض مرحلة جديدة باجيال جديدة اكثر علما وتجربة وعمقا وقراءة للمستقبل فهو جيل ديمقراطى ليبرالى يؤمن بدولة المواطنة والتعدد والتعددية والعدالة والحرية والمساواة.
* ما حدث فى ١١ أبريل ٢٠١٩م لم يكن شرا على الحركه الاسلامية المهمشه والمبعدة اصلا من الدولة منذ الفاصله الشهيره فى تسعنيات القرن الماضى بل العكس ما حدث من تغيير كان اكبر كسب لها لانها تخلصت من عب الدولة التى كانت تتناوشها جهات عديده باسم الحركة الاسلامية وتسببت الدولة فى أبعاد الكثيرين الفاعلين والمخلصين للاسلام والسودان وتحولت الدولة إلى دولة شلليات وملشيات وارزقية ومتملقين وحارقى البخور لن تستطيع التمييز بينهم الكل يدعى انه هو الاصل .
* هنالك اجيالا عديدة ابتعدت من الحركة الاسلامية والدولة منذ المفاصله الشهيره فى أواخر تسعنيات القرن الماضى وانا منهم لم ياتو إلى مؤسسات الدولة او الحزب جلهم انشغلوا بالدراسات العليا تنفيذا لتوجيه الشيخ حسن عبدالله الترابى أيام المفاصله يوصى الشباب بأن اذهبوا إلى دراساتكم وكونوا منظماتكم لا تنشغلوا بالدولة وقادتها انهم فى حالة سكر بالسلطة والثروة ابحثوا لكم عن مخرج فمنهم من هاجر إلى أوربا وامريكا ودول الخليج وما زالوا هناك ومنهم من عاد إلى المؤتمر ومنهم من عاشوا على هامش الحياة فقراء لا يملكون الا كرامتهم .
* الدكتور محمد المجذوب صالح استاذ العلوم السياسيه بجامعة النيلين فى إحدى مراجعاته قال ان عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء لاعادة حقبه الإنقاذ او احد رموزها و ان عادت فإن ذلك هو الخسران المبين وان عودة الاسلاميين ستكون على نحو مختلف شكلا ومضمونا ووفق رصيدهم الاخلاقى وليس وفقا لخبرتهم السابقه فى الخطاب والتنظيم فى العمل العام كما الفوها فى الفترة السابقة فالتاريخ لايعيد نفسه فيكونوا اكثر انسجاما مع منهجهم فى فلسفة التاريخ وفق مراحل التحول والانتقال وان عليهم مغادرة محطه خبرة (الحركه/الدوله) وكياناتها الحزبية عاجلا غير اجل كما غادروا من قبل محطه (الحركة/الدعوة) واطرها التنظيمية من قبل الإنقاذ فى حركة التحرير الاسلامى إلى الجبهة الاسلامية للدستور إلى الاخوان المسلمين إلى الجبهة الاسلامية القومية وان قطار المستقبل متوقف على رصيف محطة المراجعات وان يغادر أشكال المؤتمر الوطنى والشعبى والولوج إلى أفق سمته التجديد وإصلاح منظومات العمل الاسلامى دون التخلى عن الغايات فى تفعيل الدين فى الحياة العامة.
دكتور عصام دكين